يظن البعض أن أي شخص بإمكانه اقتحام مجال الترجمة إذا ما كان على دراية واسعة بقواعد اللغة ومتمكن من مفرداتها ولكن هذا من المفاهيم الشائعة الخاطئة عن الترجمة.
على المترجم أولاً، فهم النص بشكل صحيح بدون الوقوع في خطأ بسبب اختلاف الثقافات، ثم ينوع في استخدام أفضل الألفاظ التي تساعده علي نقل المعنى بأفضل صورة، وهنا يظهر إبداع المترجم، فقد يترجم العديد من المترجمين نفس النص وينقلوا نفس المعني وبالتالي جميعهم ترجمات صحيحة، ولكن بعض الترجمات تصنف على أنها ركيكة والبعض يصنف بأنها جيدة وأخرى احترافية.
يُصنف المترجمين إلى ثلاث فئات، المبتدئ والتقليدي والمحترف، أولاً المترجم المبتدئ وهو يعتمد على عدة قواعد تعلمها ويطبق ترجمته على أساسها ويقع هذا المترجم في عدة أخطاء لغوية مع عدم تمكنه من اختيار اللفظ المناسب لإيصال المعنى، وقد ينقل المعني بشكل غير صحيح بسبب تنوع الثقافات.
ثانياً المترجم التقليدي يترجم وينقل المعني بشكل حرفي وقد يتخلله عدم الدقة في اختيار اللفظ المناسب ولكن ترجمته مقبولة.
أما المترجم المحترف فيبدع في استخدام المفردات وفي نقل المعني والثقافة ولا يشعر القارئ أن النص الذي بين يديه مترجمًا.
برغم وجود الذكاء الاصطناعي وبرامج الترجمة والأدوات المتوفرة حاليًا إلا أن كل هذه الوسائل لا تُساهم في انتاج ترجمة احترافية تتسم بالإبداع، لأن الابتكار والبلاغة لا تنتج إلا عن ذهن بشري مُبدع ذو خيال خصب وشخص لديه قدرة لغوية عالية. ولأنه لا توجد أداة تتخيل وتبدع وتفكر يظهر لنا الفرق بين الترجمات ويبزغ نجم المترجم المحترف المبدع.
لذلك علي المترجم أن ينقل روح النص بإبداع وفن مع عدم تغيير المعني ومراعاة قواعد الترجمة، لأن المترجم ليس فنانًا تمامًا وإنما هو ناقل للمعني والثقافة في ضوء نص معين مع مراعاة الأمانة في نقل المعنى.
ونستنتج من ذلك، أن المترجم لا غنى له عن كلا الأداتين، فعليه أن ينقل المعنى وروح النص والثقافة بأمانة مع إبحاره في علوم البلاغة والإبداع في نقل النص وصياغته، فهو ليس حر التصرف في النص كما يشاء وكذلك لا يجب عليه التقيد بالقواعد تمامًا فيصبح النص جامدًا بلا روح بل عليه التحلي بكلا الصفاتين وخلق التوازن بينهما.