أثرجائحة الكورونا على الترجمة والمترجمين

أثرجائحة الكورونا على الترجمة والمترجمين

 

تقديم بين يدى الأزمة

لقد أصبحت جائحة كورونا العالمية أحد أكبر التحديات الحديثة للبشرية في العديد من النواحي. أحد أسباب القلق الرئيسية هو تأثير الوباء على الاقتصاد العالمي الآخذ في التدهور بسبب الحجر الصحي: فالحدود بين الدول مغلقة، والإنتاج والخدمات والتعليم والسياحة جميعها متوقف وهذا له تأثير ضارّ على التنمية الاقتصادية العالمية. ومع ذلك سلطت جائحة كورونا الضوء على حقيقة مهمّة ألا وهي أن الأعمال التجارية على الإنترنت هي الأكثر استعدادًا وقابلية للتكيف مع أيّ ظروف تلك الأزمة التى أحس بها القاصى والدانى واكتوى بنيرانها الكبير والصغير ، وفسرها الناس تفسيرات شتى كل  حسب رؤيته أوفلسفته أوترجمته أو حتى عقيدته فمن قائل هى انتقام من الله للعصاة ، ومن قائل بأنها حرب بيولوجية بين أمريكا والصين ، أو بين الصين وأوروبا ، ومن قائل بأنها كشف للأقنعة وسقوط للكبار الذين ظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله ، وهكذا وأرانى فى سعة من الأمر عندما أناقش طلابى فى الجامعة عن الخيارات بين اللاب والكتاب من حيث الفضل فيصدرون أقوالا شتى وآراء متنوعة لأختم لهم بأن الفضل فى الجمع بين جميع آرائهم وهذا هوأجمل المذاهب فإذا طردنا ذلك على جائحة كورونا وتأملنا فيها تأمل المستبصر الحكيم لوجدنا فيها كل هذه الحكم ، بيد أن الذى يهمنا فى هذه المقالة المتواضعة هو أثرها على عملية الترجمة باعتبارها واحدة من هذه الأعمال التجارية على الإنترنت هي الترجمة، فبعد حدوث أزمة كورونا يحاول أصحاب الأعمال الوصول إلى أسواق جديدة مع جمهور أكبر على الإنترنت، مما يعزز الحاجة إلى ترجمة المزيد من المحتوى التسويقي والمستندات بعدة لغات.

وإذا نظرنا إلى الترجمة باعتبارها فنا فقد تأثرت كثيرا بجائحة كورونا تأثر غيرها من الفنون ، وإذا نظرنا إليها باعتبارها علما فقد تباطأت خطاها أيضا فقلت الأبحاث وتأخر الباحثون بسبب العزل ، ولو نظرنا إليها باعتبارها عملية تسويقية فحدث ولا حرج وهو ما بدا واضحا فى ردود العشرات من مكاتب الترجمة التى تواصل معها كاتب هذا المقال وكادت تتشابه فى الفاظها التى تعكس وقف الحال والعمل بجزء ضئيل من الكفاءة السابقة للأزمة ، ويبدو الوضع الحالي مع صناعة الترجمة واللغة متناقضا، فطريقة استجابة كل شركة مع الوضع الحالي هو ما سيحدد بقاءها في سوق العمل أم لا، فشركات الترجمة التي تمكنت من تنظيم العمل من المنزل لا يزالون الآن في القمة ولم يتأثروا سلبًا بجائحة كورونا ، سيكون مترجِمو اللغة الصينية مطلوبين بشكلٍ خاص، وهناك أسباب عديدة وراء ذلك منها أن الصين تحتاج إلى استعادة وضعها بسرعةٍ كمنتج ومصدر عالميّ، وهناك سبب آخر يتمثل في أهمية تبادل المعلومات بين الباحثين في مجالات الرعاية الصحية وعلم الفيروسات وعلم المناعة وعلم الأوبئة بين الصين وباقي دول العالم للتصدى لجائحة كورونا.

لذلك يمكن توقّع أعلى طلب على مترجمي اللغة الصينية وخاصة في القطاع الطبي، وبما أن هؤلاء المترجمين ليسوا كثيرين، فإن المتخصصين في المجال الطبي لديهم الآن فرصة جيدة لتوسيع مهاراتهم وتلبية الطلب المرتفع على العمل

 

تأثير جائحة كورونا على المترجمين الفوريين

أصبح المترجمون الفَوْريُّون في وضعٍ صعب خلال الحجر الصحي، لأن الاجتماعات وجهًا لوجه نادرة والزيارات الدولية تكاد تكون مستحيلة، والتباعد الاجتماعي والتدابير الوقائية الأخرى تؤدي إلى خلق ظروف صعبة جدًا، وبالتالي تعاني العديد من شركات الترجمة في هذا المجال من خسائر مالية وخفض العمالة ، ولكن ليس شىء يستعصى على الحل ، فإذا توجهنا إلى النت ، وتعاملنا مع الدردشة العالمية المصغرة ، وجدنا حلولا وإن بدت جزئية لهذه الصعوبات التى فرضتها هذه جائحة كورونا ، فكيف تغلب المترجم الفوري على هذه الصعوبات فى التعامل مع جائحة كورونا من خلال الترجمة البناءة للتقارير والنصوص ؟

يمكن أن يكون عمل المترجم مَرِنًا إلى حَدٍّ ما، ومن الممكن مواصلة العمل أثناء الحجر، فإذا فتح الواتس والفيس وسائر تطبيقات النت وتعامل مع المكاتب والشركات والمواقع فقد وضع أصابعه على الحل الأكيد الذى يضمن له مواصلة الطريق فى التعامل مع هذه الأزمة       استخدام الإنترنت، من السهل البقاء على اتصال مع فريقك أو عملائك  ومع ذلك، فإن المترجم الذي لم يَعْتَدْ على العمل عن بُعْد، والبقاء في المنزل قد يواجه صعوبات في التكيف مع هذا الوضع.هناك بعض الحلول مثل الترجمة عبر الإنترنت وعلى الرغم من أنها لن تحلّ محلّ الاجتماعات المباشرة إلا أن هذا الوضع على الأرجح سيكون مؤقتًا على الرغم من صعوبة التنبؤ بالآثار الناتجة عن جائحة كورونا على المدى الطويل ، ومن الحلول الأخرى الاتجاه إلى الترجمة التحريرية والتي يمكن أن تصبح حلًّا مؤقتًا للمترجمين الفوريين

تمامًا مثلما ستصبح الترجمة الصينية أكثر شيوعًا في المستقبل، فإن بعض اللغات الأخرى مثل الإسبانية أو الإيطالية ستشهد تدنِّيًا في الطلب. فيما يلي قائمة بالخدمات في صناعة الترجمة المطلوبة خلال فترة الحجر الصحي وفترة ما بعد الحجر الصحي.

مكتب ترجمة معتمد
مركز ترجمة معتمد

ترجمات تفرضها أزمة الكورونا

ترجمة المستندات

هذا النوع من الترجمة مطلوب دائمًا، وفي الوقت الحالي أيضًا هناك طلب كبير على خدمة ترجمة المستندات للإعلانات الحكومية، والمعلومات المقدمة من المنظمات غير الحكومية مثل منظمة الصحة العالمية، مواد استشارية، مثل الكتيبات والنشرات، بعد الانتهاء من هذا الوباء العالمي ستبحث الشركات عن شركاء تجاريين جُدُد لكي تعمل على توسيع مجموعة متنوعة من السلع والخدمات المقدمة التي تفترض مسبقًا توقيع عقود عمل جديدة واتفاقيات مختلفة فيما يخص جائحة كورونا أو غيرها.

الترجمة التسويقية

بسبب الحجر الصحي ينصح الناس بعدم الخروج إلا إذا كانت هناك ضرورة ملحة، لذلك تحتاج العديد من المتاجر والمقاهي والمطاعم وغيرها من الشركات المماثلة إلى إيجاد طرق جديدة للوصول إلى عملائها؛ لذا فإن التجارة الإلكترونية بالإضافة إلى الخدمات المختلفة عبر الإنترنت مثل توصيل الطعام تزدهر الآن وتحتاج إلى المزيد من الإعلانات. يحاول رواد الأعمال الآن الوصول إلى نطاق أوسع من المستهلكين؛ لذا فهم بحاجة إلى ترجمة لوصف المنتج، وتوطين الإعلانات عن جائحة كورونا و ترجمة هذه الإعلانات وما شابه ذلك.

 

.

الترجمة الطبية

نظرًا لأن فيروس كورونا هو فيروس جديد، فإنه لم يتمّ دراسته جيدًا حتى الآن، يُنتِج الباحثون والأطباء الآن معلومات عنه بسرعة، قد يكون بعضُها حاسمًا في مكافحة الوباء، ولا بد من إطلاع منظمات الرعاية الصحية العالمية على أحدث النتائج فيما يتصل بالفيروس التاجي الجديد من أجل التعرف على كيفية التصدي لانتشار الفيروس وعلاجه بشكل أكثر فعالية، وهذا سيؤدي إلى زيادة الطلب على ترجمة المنشورات الطبية، والبحوث، والمقالات في المجلات العلمية، وما إلى ذلك من معطيات التعامل مع ترجمة تتعلق بجائحة كورونا لذلك اهمية الترجمة الطبية.

ترجمة المواقع

على الرغم من إلغاء معظم الأحداث مثل المؤتمرات أو المسابقات أو إعادة جدولتها، إلا أن بعض الخدمات مثل الترجمة الطبية عن بُعْد أصبحت الآن شائعة بسبب الظروف الحالية، وضرورة تبادل المعلومات بشكل أكثر فعالية فيما يتعلق بالفيروس التاجي، لقد غيَّر الحجر الصحي الحياة والروتين اليومي لجميع الناس تقريبًا، ويؤثر على كل شيء من الصحة النفسية إلى التوازن بين العمل والحياة. تعاني العديد من العائلات الآن من أزمة في العلاقات. في هذه الفترة، من المهم أن نتجاوز الأزمة والتمسك بالروتين اليومي المعدل مع الظروف الحالية وسلوك الطرق الممكنة للتعايش والتعامل مع جائحة كورونا.                                                  .

 

دور الترجمة في ظل أزمة كورونا

وهومارأيناه من  تسابق الدول والكيانات والجهات ذات التأثير لإيجاد حل جذري للوباء، مرورا بالحلول الأمريكية ومئات المؤتمرات التى عقدت فى هذا الصدد على مستوى الدول والجامعات والمؤسسات  وإن كان ذلك الأمر صعب التحقيق نظرًا لعامل الوقت الذي يدخل في أساس إيجاد الأمصال الفعالة لتحقيق الشفاء من جائحة كورونا ولا شك  فى دورالترجمة الحيوى هنا، فإن الطريقة الأنجع في هذا الموطن تتلخص في الوقاية في المقام الأول عوضًا عن العلاج. من هذا السياق، نرى جهود جبارة من قبل وزارة الصحة السعودية والجهات المكملة لنجاح أعمالها كشركات الدعاية والإعلان مثالاً، حيث تأتي التوعية بجائحة كورونا وماهيتها وطرق تفشيها من أهم سبل تطويقها وتضييق مدى رقعة انتشارها – بإذن الله- من هنا، يجدر بالجهات الفاعلة مراعاة عامل مهم في نشر الوعي الصحي إزاء جائحة كورونا ، بوضع عامل اللغة نصب أعينهم، وبالتأكيد فلقد وجدنا العديد من لافتات الدعايات على الطرقات والرسائل القصيرة بلغات مختلفة كالإنجليزية والفارسية،لا وهنا أيضا نرى نصيب الترجمة فى التعامل مع جائحة كورونا  إلا أن عملية الوصول إلى المواطن قد تكون مختلفة عن عملية الوصول إلى شرائح مختلفة من الجنسيات الأخرى على أرض الوطن،وذلك بسبب شعبية بعض التطبيقات لدى فئات منهم أكثر من غيرها، فعلى سبيل المثال، – بحسب بحثي للماجستير- عن وجود السعوديين على مختلف منصات التواصل الاجتماعي وأبرز الاختلافات اللغوية في هذا النطاق، فلقد وجدت أن السعوديين يفضلون تويتر للتواصل الرسمي، في حين يعتمدون على السناب شات للتواصل الأقل رسمية

في المقابل، تفضل بعض الشعوب العربية منصة فيسبوك للتواصل من النوعين بحسب الموضوع في الوقت الذي يستخدم متحدث الفارسية التلجرام، وهنايستحسن تقنين الرسائل الموجهة وبثها للمستقبل (الجمهور المستهدف) من خلال المنصة الأكثر شعبية لديهم. وهو ليس بالأمر الصعب نظرًا لتوفر العديد من الدراسات المختصة والمتاحة عبر الإنترنت في هذا السياق. فكما أوجدت وزارة الصحة مترجم متمكن للغة الإشارة لإيصال الرسالة للشريحة المعنية، يجب أن يفعل دور المترجمين من مختلف اللغات الحية من خلال المؤتمر مباشرة لنقل المعلومات والمستجدات بشكل فوري، فضلاً عن اعتماد شريط بالمستجدات المترجمة لهذه اللغات عبر التلفاز فلعل هذا يكون أمرًا مجديًا بل أراها أيضًا فرصة سانحة لتوظيف طاقات طلاب وطالبات كلية اللغات والترجمة المتميزة من خلال خدمة الوطن في هذه الأوقات التي تتطلب منا جميعًا تقديم كل ما نملك لتجاوز جائحة كورونا وجعلها حديث من الماضي بإذن الله الرحيم والتصدى لكافة أساليب الدعاية والانتهازية والاستغلال ، وهى المهمة المقدسة التى يمكن أن تضطلع بها الترجمة باعتبارها عملا أدبيا وأخلاقيا فى المقام الأول ، انتهى المقال وبالله العصمة والتوفيق                          .

 

المصادر منظمة الصحة العالمية

 

error: Content is protected !!
Scroll to Top