الترجمة عند العرب وتطورها وأثر الترجمة في النهضة الفكرية العربية المعاصرة هو موضع كبير وخاصة وهو يرتبط بمجالات اللسانيات واللغة العربية التي هي واحدة من أقدم لغات العالم كله.
الترجمة عند العرب وأهميتها
عرفت العرب أهمية الترجمة وفضلها منذ القدم.
وذلك لأن العرب لا استغنى عن عملية التعاون والتبادل الفكري بين الشعوب.
ولكن تختلف الثقافات والرقي ومستويات الحضارة من شعب لآخر ومن منطقة لأخرى.
وفي تاريخ العرب القديم كانت هناك فترتين تاريخيتين تمت فيهم الترجمة.
- فترة تمت فيها الترجمة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية.
- فترة تمت فيها الترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأجنبية.
وقد أدى اتصال العرب بالعديد من المراكز في مختلف الدول الأجنبية إلى نقل ثقافة وتراث تلك الدول الأجنبية في مختلف العلوم إلى العرب.
ومن أمثلة العلوم التي تم نقلها للعرب:
علم الطب وعلم الرياضيات وعلوم الفلك وكذلك الأدب مثل كتاب كليلة ودمنة التي تمت ترجمته على يد ابن المقفع.
الترجمة عبر الزمن
يرجع الفضل الأكبر في نشر الترجمة إلى الخليفة الرشيد وابنه الخليفة المأمون حيث أصبحت هناك مؤسسات رسمية للترجمة.
فقد قام الخليفة الرشيد بإنشاء دار الحكمة وعمل بها كبار الأساتذة والمتخصصين في العديد من المجالات فعمل كلاً من الطبيبين يوحنا بن ماسويه و جورجيس بن جبرائيل.
ومن أبرز الكتب التي تمت ترجمتها من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية في ذلك الحين هو كتاب كليلة ودمنة وكتاب السند هند وغيرهما من الكتب.
ويرجع السبب في نشاط الترجمة بشكل كبير في عهد الخليفة الرشيد أنه كان يوفر للمترجمين كل ما يحتاجونه ويمدهم بالعطايا والهدايا.
أثر الترجمة على التراث العربي
أثرت الترجمة بشكل كبير على التراث العربي، فنجد أن الجاحظ ذكر في كتابه “الحيوان” آراء أرسطو والعديد من علماء المعاجم كما قام الجاحظ بالتشكيك في آرائهم.
وفي كتاب “البيان والتبيين” نجد أن الجاحظ ذكر آراء علماء الفرس واليونان في كلاً من البلاغة والخطابة كما قام بتعريف البلاغة كما في الصحيفة الهندية.
ونجد في كتاب “عيون الأخبار” لابن قتيبة أنه قام باتخاذ كتب الأعاجم كمصدر له، وكذلك نجد أن ترجمة النصوص الفلسفية أثرت بشكل ملحوظ على فكر المعتزلة.
أثر الترجمة على التاريخ الأوروبي
كان للترجمة أثر كبير في تاريخ أوروبا، نتيجة احتكاك العرب بالأجانب أدى إلى تأثر أحدهم بالآخر وكان التأثير من نصيب الأجانب.
حيث تأثر العجم بالمؤلفات العربية في العلوم والأدب وأخذت أوروبا في بدء حملة ترجمة المؤلفات العربية وتم نقل الكثير من المؤلفات إلى اللغتين العربية واللاتينية.
ثم تمت ترجمة تلك المؤلفات بعد ذلك إلى العديد من لغات أوروبا المحلية.
ومن المعروف أن أوروبا مرت بمئات من السنوات المظلمة قبل حدوث النهضة الأوروبية في القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر.
ولا شك أن سبب هذه النهضة هو نقل تراث الحضارة العربية والشرقية إلى أوروبا.
دور الترجمة الحضاري
تقوم عملية الترجمة بالتحريض وتلك العملية هى عملية واضحة لكل أمة، وخاصة عندما تنتقل إلى طور حامل المشعل الحضاري.
حيث توجد حركة هامة تسبق حركة الترجمة وهي حركة التأليف بالمعنى العام للكلمة.
وإذا نظرنا إلى تاريخ العديد من الأمم السابقة سوف نجد أن السبب الرئيسي في تخطي تلك الأمم المرحلة الانتقالية التي تقع بين مرحلة الجذب الثقافي ومرحلة التأليف والإبداع هي حركة الترجمة.
ومرحلة الجدب تعني “عدم إعطاء الكلمة المعنى الحضاري والثقافي لها” ولا تستطيع أي أمة أن تقفز قفزة واحدة من مرحلة الجذب الثقافي إلى مرحلة التأليف والإبداع والعطاء والخصب دون أن تمر بفترة زمنية كبيرة قد تستغرق تلك الفترة العديد من العقود والعديد من القرون.
ومن أمثلة الحضارات التي انتقلت من مرحلة الجذب الثقافي إلى مرحلة التأليف والإبداع:
حضارات الشرق، والصين واليابان والهند والعديد من الشعوب المجاورة لها، نرى أيضاً في الغرب الأسبان الذين قاموا بنقل الحضارة عن العرب وكذلك شمال أوروبا التي نقلت الكثير عن جنوبها، وجنوب أفريقيا التي قامت بنقل العديد عن أوروبا وعن شمال أفريقيا.
أهمية الترجمة
وتعد الترجمة الوسيلة الأساسية لنقل العلوم الحديثة والتكنولوجيا من بلاد العلماء إلى العديد من البلدان الأخرى.
فـ علماء الفضاء وعلماء الذرة والكيمياء والطب ومهندسين الإلكترونات كل هؤلاء العلماء يدونون كل نتائج البحث التي تم الوصول إليها في مختلف المجالات.
وتتم ترجمة تلك الكتابات إلى العديد من اللغات الأخرى سواء تم ذلك شفهياً في المحاضرات والمؤتمرات أو خطياً في الكتب وصفحات المجلات.
وهنا يظهر دور الترجمة كوسيط مباشر في تعريف البشرية جميعها بإنجازات العلماء في مختلف المجالات وكذلك معرفة ما قدمه العلماء من تطورات عظيمة في العديد من المجالات.
ولولا نشاط حركة الترجمة لأصبح العالم في جهل وعدم معرفة معلومات عن كثير من العلوم و يتعذر نقل الإنجازات العلمية والتكنولوجية للعديد من دول العالم.
تطوير الترجمة في الوقت الراهن
وإذا أردنا أن نزدهر ونتفوق في عصرنا هذا فعلينا نقل علوم الغرب والتركيز عليها عن طريق ترجمتها للعربية حتى يستفاد منها الجميع.
لذلك يجب علينا ترجمة أحدث التطورات التي توصلت إليها علوم الغرب بحيث تتم عملية الترجمة بدقة وبسرعة واستمرارية وهذا يحتاج إلى مترجمين متقنيين لكلتا اللغتين العربية والأجنبية ملمين بكل المفردات والمعاني والإمكانات الفنية والتركيب والإيحاءات والمجازات التي تحملها اللغتين.
ويجب أن يكون المترجمين مواكبين للتطورات التكنولوجية التي حولت العالم إلى قرية صغيرة تصلنا الأخبار فيها في نفس وقت حدوثها عن طريق العديد من وسائل الاتصالات المتقدمة.
ومن خلال فيا ترانسيليشن نحن مقدم الترجمة المهنية المحترفة التي لا يخرج عنها المعنى المقصود.
متخصصون في المجال ونحترم الخصوصية ومبدعون دائما.