معلومات عن ترجمة الشعر والترجمة الأدبية

معلومات عن ترجمة الشعر والترجمة الأدبية

معلومات عن ترجمة الشعر والترجمة الأدبية

 

يرى أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ أنه لا يجوز ترجمة الشعر، وبالرغم من اختلاف الآراء حول ترجمة الشعر إلا أنها مستمرة ولم تنقطع، وهناك نقاشات وآراء مختلفة حول ترجمة هذا اللون من الأدب فهناك من يرى أنه لا بأس من ترجمة الشعر وهناك من يرى استحالة ذلك.

 

يقول الجاحظ في كتاب الحيوان: “يقول بعض من ينصر الشعر ويحوطه ويحتج له: إن الترجمان لا يؤدي أبدا ما قاله الحكيم، على خصائص معانيه، وحقائق مذاهبه، ودقائق اختصاراته، وخفيات حدوده، ولا يقدر أن يوفيها حقوقها، ويؤدي الأمانة فيها، ويقوم بما يلزم الوكيل ويجب على الجري، وكيف يقدر على أدائها وتسليم معانيها والإخبار عنها على حقها وصدقها. إلا أن يكون في العلم بمعانيها، واستعمال تصاريف ألفاظها، وتأويلات مخارجها، مثل مؤلف الكتاب وواضعه، فمتى كان رحمه الله تعالى ابن البطريق، وابن ناعمة، وابن قرة، وابن فهريز، وثيفيل، وابن وهيلي، وابن المقفع، مثل أرسطاطاليس؟! ومتى كان خالد مثل أفلاطون؟!

 

ويرى الجاحظ أن الشعر حكر على العرب وهذا مفهوم خاطئ، لأنه موجود عند كل الأمم، وقد عرف العرب هذه الحقيقة في بداية القرن العشرين وذلك بعد اختلاطهم بأجناس مختلفة بسبب سفرهم ورحلاتهم والبعثات المرسلة من بلد لأخرى، وعرفوا أنه أمر شائع في البلاد المختلفة وهنا سارعوا إلى ترجمة هذه الأشعار وذلك حتى يتعلموا الأدب من الشعوب المختلفة عنهم ويقارنوها بما لديهم من أدب وحتى يضيفوا لأنفسهم من علوم الأجناس المختلفة عنهم في هذا الجانب.

 

يرفض العديد من النقاد ترجمة الشعر ولهم وجهة نظر في هذا الأمر وهي أنه من الأمانة مطابقة النص المترجم منه مع النص المترجم إليه وهذا يستحيل في الشعر كما أنه حتى إذا تم النقل بأمانه فإن النص سيفقد بعض من خصائصه الشعرية مثل القافية والبحر الشعري الذي تنتمي إليه القصيدة وكذلك قد يحدث لبس في المعنى بسبب اختلاف الثقافة البيئة.

 

هل يجوز التخلي عن الفهم التقليدي للشعر عند ترجمته؟

القصائد المترجمة كثيرة ولن نستطيع نكران أنها بالفعل موجودة لمجرد الخوف من خيانة النص ولكن هل إلزاماً علينا أن ننقل النص كما هو حتى لا نخون الأمانة، حتى مع الترجمة الركيكة التي تنتج للنص؟

من الصعب نقل الأدب بدون التحرر من النص وحتى يخرج النص بترجمة فيها إبداع وبلاغة لغوية تجعل النص مشوق ومؤثر. إن ترجمة النصوص الشعرية عسيرة حيث يصعب نقل الأفكار والصور لاختلاف الثقافات، ويصعب ترجمتها كذلك لصعوبة اختيار مفردات بديعة تعبر عن الفكرة مع الاحتفاظ بالجرس الموسيقي والإيقاع الفني. ومن المحبب أن يكون المترجم شاعراً ولدية حس فني لينتج نص يعبر عن نفس المشاعر وله نفس تأثير النص الأصلي. ويجب الانتباه لضرورة نقل المعني الظاهر والخفي في نفس الوقت وهو من الأمور الصعبة جداً. حيث أن اللغتين المنقول منها وإليها لهم تراث وسمات مختلف. لذلك فإننا لا نتخوّف من “خيانة” النص الشعري عند ترجمته.

 

 

وعلى المترجم البحث عن إيقاع موسيقي بعيداً عن الإيقاع الأصلي، لأن القصيدة المترجمة هي قصيدة لها مفردات جديدة وتركيب لغوي مختلف مما يفرض على المترجم محاولة خلق إيقاع موسيقي جديد حتى يتلاءم مع النص المترجم.

 

يجب أن يتمهل المترجم عند ترجمة أي نص أدبي وبالأخص النصوص الخاصة بالشعر وذلك للإلمام بالمعنيين الخفي والظاهر وبالصور والتشبيهات وما الذي تشير إليه في الثقافة الأم حتى يستطيع إنتاج عمل فني بديع متناسب مع ثقافة اللغة المُترجم إليها وله نفس خصائص الشعر فلا يكون ركيك أو غير مفهوم المعنى.

إن الشعر يعبر عن مكنونات النفس وخلجات الروح والمشاعر بشتى أشكالها ويجب أن ينقل النص كل هذا لذلك تُعد ترجمة الشعر أكثر أنواع الترجمة التي تحتاج ابداعًا وهناك العديد من شعراء العرب ترجموا قصائد وتفوقوا بمهارتهم في حياكة الشعر وصنعوا منه أجمل القصائد التي تفوقت على القصائد الأصلية بمهارتهم وجمال إبداعهم.

error: Content is protected !!
Scroll to Top