ترجمة الشعر

ترجمة الشعر

 

تعتبر ترجمة الشعر أحد أكثر المهام صعوبة وتحديا لكل مترجم. وبالعودة إلى تعريف روبرت فروست، الذى يعتبر أن الشعر هو ما يضيع فى الترجمة، يمكننا القول، إن هذا البيان يمكن اعتباره صحيحا إلى حد ما، لأنه لا يوجد تكافؤ الند عند المقارنة بين لغتين. وحتى لو امتلك المترجمين معرفة عميقة باللغة المصدر، فلن يكونوا قادرين على خلق نسخة طبق الأصل من النص الأصلى

تعريف الشعر

يعرف قاموس أوكسفورد الإنجليزي الشعر بانه “فن أو عمل الشاعر”. ويصف جون روسكين فى كتابه “محاضرات فى الفن”  الشعر بأنه إيحاء الآراء النبيلة من المخيلة إلى العواطف النبيلة. ووفقا لإليوت فإن الشعر ليس تشكيل عاطفي فضفاض ، ولكنه هروب من العاطفة، وهو ليس تعبيرا عن الشخصية، ولكنه هروب منها . ويصف شيلى الشعر بأنه الحقيقة الأبدية، فالقصيدة هى نفس صورة الحياة معبر عنها في حقيقتها الأبدية. وأخيرا وفقا لروبرت فروست فإن الصورة التي ترسمها القصيدة تبدأ بفرحة وتنتهي بحكمة. هذا ما يجب أن يعرفه أى مترجم لكي يعترف بالفضيلة الحقيقية للعمل الذي يتعامل معه. وغالبا ما يُشار إلى الترجمة على أساس أنها فن. وبالتالي فإن مهمة المترجم هى خلق فن من الفن مع الحفاظ على القيمة الجمالية للعمل. ولقد وصف روبرت فروست الشعر بأنه ما يضيع فى الترجمة. وقد كان يعنى، بالطبع، أنه من المستحيل أن النقل من لغة إلى أخرى السمات الخاصة للقصيدة كالصوت والإيقاع، وتراكيب ودلالات بحرها. وقد رأى بعض النقاد أن المترجمين فى ترجمتهم للقصائد يقومون بخيانتهم، ويحولون الترجمة إلى شيء قد يكون مشابها فى أحسن الأحوال، ولكنه دائما يشوه العمل الأصلى ومع ذلك، لم يمنع هذا الرأي المترجمين من الاستمرار فى هذا العمل الصعب، والهام أيضا.

أهمية الصوت في الشعر

كأحد المشاكل الرئيسية فى الترجمة ويعرف الشعر بأنه العمل الذي يكون فيه المعنى الأسمى والاكثر امتيازا موجودا في العناصر الموسيقية للغة أثناء تجليها فى الإيقاع. ووفقا له فإن كل ما يبدو أن له تأثير على السمات الموسيقية وصقل الشعور، وبالتالي على المحاكاة والمرافقة الموسيقية للكلام، يجب أن يتم نقله من قبل المترجم.

الترجمة التفسيرية للشعر

يرى الشاعر والناقد والمترجم الأميركى عزرا باوند الذين تذهب خبرته في ترجمة الشعر إلى ما وراء النظرية، أن الكثير يعتمد على المترجم، حيث إنه يمكنه أن يظهر كنوزه، ويوجه القارئ في اختيار أي لغة ينبغي دراستها. ويسمي هذا بالترجمة التفسيرية للشعر. وبالتوازي مع ذلك، يقدم نوع آخر من الترجمة يؤلف فيه المترجم قصيدة جديدة. وبالتالي هناك نوعان من الترجمة الشعرية، أحدها ينقل فكر المؤلف مباشرة، والثانى، يقوم على النص الأصلى، ولكن تتخلله روح جديدة. وبالتأكيد، إذا نجحت الترجمة فى تقديم كل من الشكل والمحتوى، فستعتبر ترجمة ناجحة. وقد كان هذا الرأي مجال بحث عالم اللغة ومترجم الإنجيل المحترف يوجين نيدا الذي يؤكد على الفرق بين النثر والشعر ويسلط الضوء على أهمية الصيغة. ومن النادر أن يستطيع المرء إعادة إنتاج كل من المحتوى والشكل فى الترجمة، وبالتالى، عادة ما يتم التضحية بالشكل من أجل المضمون. ويهدف مترجم الشعر إلى ترك انطباع لدى القارئ مماثلا أو مشابها تقريبا لذلك الذى يركه الأصلى . و فى الواقع فإن كل قصيدة هى قصيدة فى قصيدة؛ قصيدة الفكرة، وقصيدة الكلمات. فبدون فكرة تكون الكلمات فارغة، ومن دون كلمات تكون الفكرة فارغة. وعلى المترجم أن يتجنب الفراغ.

كما كتب رومان جاكوبسون فى مقاله “على الجوانب اللغوية للترجمة حول إمكانية واستحالة الترجمة وعرّف الشعر بأنه غير قابل للترجمة، وأن الممكن فقط هو النقل الإبداعى.

وبتلخيص المناهج النظرية للمفكرين المذكورين أعلاه، يتضح لنا بالتأكيد أن الشعر هو أكثر أنواع النص صعوبة ويمكن اعتباره غير قابل للترجمة. ولكن بوجود الأمثلة الحية لترجمات الشعر الناجحة، لا يمكننا أبدا أن ندعى أنه غير قابل للترجمة. كما تطرقوا إلى مشاكل أخرى مثل حرية المترجم، التي تم تحديها فى رأينا. ولا يمكننا أبدا أن نشير إلى النقل كترجمة إذا كان مجرد عمل قائم على الأصلى، ويجب أن يكون قريبا من الأصلي قدر الإمكان.

 الترجمة وشكل الشعر

ومما ينبغى مناقشته  هنا شكل القصيدة. ويتمثل شكل الشعر فى موشحاته أو مقاطعه الشعرية. و يمكن للمترجم عكس الشكل المقطعي للقصيدة أثناء الترجمة إذا لم يكن الإبقاء عليه إلزاميا. ولكن من الأفضل أن تتم الترجمة من دوبيت إلى دوبيت، ومن مقطع شعرى ثلاثى إلى مقطع ثلاثى، ومن رباعية إلى رباعية، ومن خماسية إلى خماسية، وهكذا

فمن المشاكل التي تحدث أثناء ترجمة الشعر هي الفروق الدقيقة فى معنى الكلمة. ويمكن أن يختلط الأمر على المترجم بطريقتين. فمن ناحية قد يجد صعوبات في فهم أى من المعاني العديدة للكلمة قد استخدمه المؤلف. ومن ناحية أخرى، قد يحتار في الاختيار من المكافئات من اللغة الهدف.

ولذلك يجب أن تخضع الكلمات للفحص الدقيق من قبل المترجم. ومن المهم معرفة ما إذا كان يتم استخدام الكلمة بمعناها الدلالي، معناها المعجمي أو معناها التلميحي، أى المعاني المرتبطة بها التي تراكمت حول الكلمة، أو ما تعنيه الكلمة ضمنيا فمن خلال أثر الكلمات التي يستخدمها المؤلفين فى قصائدهم يكونون المجاز. وتشمل القصائد مثل هذه التفاصيل التي تنشط ذاكرتنا، وتحفز مشاعرنا، وتقود استجاباتنا. تعتبر الأفكار مهمة فى الشعر ، ولكن القيمة الحقيقية للقصيدة تكمن فى الكلمات التي تسحرنا من خلال السماح لنا بتوقع المفاجأة، وأن نكون مفعمين بالنشاط والحيوية، والتركيز على الإلقاء. وهذا كله يتم بالكلمات. وأحيانا يذهب معناها بعيدا ليصل حتى إلى خلق بعض الآثار الأسلوبية. ومن بين هذه الآثار الأكثر شيوعا للشعر الاستعارة. ومن المجاز، أن نقول شيئا واحدا ونعنى آخر، وأن نقول شيئا واحدا من حيث الآخر، وهو متعة الاخفاء. وكما يقول روبرت فروست، فإن الشعر يتكون ببساطة من المجاز. وتشمل الصور الأسلوبية الأخرة الغلو أو المبالغة، والمجاز المرسل أو استخدام الجزء للدلالة على الكل، والكناية أو استبدال سمة شيء للشيء نفسه، والتجسيد، ومنح الجماد أو المفاهيم المجردة خصائص أو صفات الكائنات الحية، وغيرها.

قد تتعلق المشاكل التي تحدث فى عملية الترجمة بعناصر الشعر المختلفة. يمكننا أن نتعلم أن نقدر ونترجم القصائد من خلال فهم عناصرها الأساسية. وتشمل عناصر القصيدة المتحدث الذى نسمع صوته فيها؛ طريقة إلقاءها، أو اختيار الكلمات، وتراكيب أبياتها أو ترتيب كلماتها؛ صورها البلاغية أو تفاصيل الرؤية والسمع والتذوق والشم، واللمس؛ اللغة المجازية، أو الطرق غير الحرفية للتعبير عن شيء واحد من حيث آخر، مثل الرمز والاستعارة؛ المؤثرات الصوتية، وخاصة القافية، والسجع، والجناس؛ إيقاعها وبحرها أو نمط اللهجات الذى نسمعه فى كلمات القصيدة، وعباراتها، وسطورها، وجملها، وهيكلها أو نمط تنظيمها الرسمى.

ترجمة الشعر
ترجمة الشعر

الفروق النحوية بين اللغات

فالقواعد النحوية الإلزامية فى النثر ليست إجبارية فى القصائد، أو يمكننا  نقول فقط أن الشعراء لا يتبعونها بدقة. ولهذا السبب عادة ما يكون المترجمين فى حيرة من أمرهم حول مثل هذه الأعمال الإبداعية. ففى بعض الأحيان، يقدم الشعراء عبر براعتهم فى التصوير المجازى أعمالا جديدة غير عادية مدهشة ومذهلة بالفعل، وتصعب ترجمتها. وينبغى أن يكون المترجم توافقيا لكي ينقل هذا الابداع ومعانيه الخفية أو بنيته النحوية المميزة. ولتوضيح الوضع الذى يمكن أن نأخذ ضمير المخاطبة كمثال . يجب الحفاظ على نقل هذه الأساليب فى اللغة الهدف لأنها تحمل العالم العاطفي والنفسىالكامل للشاعر. على سبيل المثال، نجد أنه من الصعب في بعض الأحيان  ترجمة الضمير “أنت” في الانجليزية، حيث يمكن أن يكون إما ظاهرا أو  مستترا. وفي هذه الحالة يجب على المترجم فهم قصد المؤلف. وبطبيعة الحال فإن التحولات النحوية ممكنة فى ترجمة الشعر، لأن المترجم هنا يهدف إلى نقل المحتوى. ولذلك يمكن تبرير أى خيار للمترجم لتغيير الشكل النحوى إلا إذا أفسد المعنى.

ارتباط الشعر بالموسيقى

فهو “فن إيقاعي ولكنه، أساسا، ليس وسيلة فعالة للاتصال مثل الموسيقى”. وفضلا عن كونه شيئا نراه، فهو أيضا شيء نسمعه، و “لا يزال هناك حتى الآن تقليد حيوى لإلقاء أو تلاوة الشعر شفهيا. بل إن حتى قراءة الشعر الصامتة، إذا ما تمت بشكل صحيح، ينبغي أن تسمح بتسجيل السطور في أذن العقل.وعند الحديث عن الصوت (اللفظ)، فإن أول شيء يجب ذكره هو القافية، والتي يمكن تعريفها بأنها مطابقة صوت الحرف النهائي (علة أو ساكنة) في كلمتين أو أكثر. وعلى الرغم من وجود قصائد بدون قافية، فإنها تستسلم لقيمة أصواتها. ولقد تذمر روبرت فروست، الكاتب للشعر التقليدى المقفى، من كتابة الشعر دون قافية ووصفه بأنه مثل لعب التنس والشبكة متدلية للأسفل. وهذا صارم قليلا، لأن العديد من السطور المقفية تبدو سليمة، وأفضل في شكل غير مقفى. وفى الواقع، الصوت هو كل شيء متعلق بتهذيب الصوت بما فى ذلك القافية والوزن، الذي يشير إلى التكرار المنتظم للنبرة أو الشدة في القصيدة، والجناس أو تكرار أصوات الحروف المتشابهة، والمحاكاة الصوتية، التي تعنى استعمال الكلمة التى يوحى لفظها بمعناها ، الجناس أو تكرار حرف أو مقطع في مستهل ألفاظ متجاورة، وما إلى ذلك. ويجب على المترجم أن يحاول الحفاظ عليها فى الترجمة. وكما يبين نيومارك ، فإن “الحقيقة الدلالية أساسية في النصوص المهمة، فالمعنى ليس أكثر أو أقل أهمية، بل مهم! فى حين أنه من العوامل الجمالية الثلاثة، من المرجح أن تنحسر أهمية الصوت (مثل الجناس أو القافية)، وربما تكون القافية العامل الأكثر عرضة للاستغناء عنه. نظم القافية صعب واصطناعي في اللغة، واستنساخ سطر قد يكون في بعض الأحيان على نحو مضاعف”. وباختصار، اذا واجه المترجم حالة تتطلب منه التضحية بأحد العوامل الثلاثة، البنية، الاستعارة، أو الصوت، فينبغي عليه التضحية بالصوت.

ومن ناحية أخرى، ينبغي على المترجم تحقيق التوازن حيث يكمن جمال القصيدة حقا. إذا كان الجمال يكمن في الألفاظ أكثر من التركيز على المعنى (الدلالي)، فلا يمكن للمترجم تجاهل عامل الصوت.

 الشعروالاختلافات الثقافية

إن المعرفة العميقة ضرورية لترجمة التعابير والعبارات، والتي هي نتاج التقاليد والتفكير في بلد المرء. وقد تخلق الجمل أو العبارات التي تحتوي على كلمة مرتبطة بالثقافة بعض المشاكل. توجد المشاكل الاجتماعية والثقافية في العبارات والجمل أو شيه الجمل التي تحتوى على كلمات متعلقة بالفئات الثقافية الرئيسية الأربعة، وهي: الأفكار، والسلوك، والمنتج، والبيئة (Said, 1994: 39). وتشمل “الأفكار” العقيدة والقيم والمؤسسات. ويتضمن “السلوك” العادات أو الأعراف، أما “المنتجات” فتشمل الفن والموسيقى، والتحف، تشمل “البيئة” النباتات والحيوانات، والسهول، والرياح، والطقس.

وقد يطبق المترجم في ترجمته للتعبيرات المرتبطة بالثقافة، كما هو الحال في غيرها من التعبيرات، بعض الإجراءات مثل الترجمة الحرفية ، النقل، التطبيع، المكافئ الثقافى، المكافئ الوظيفى، المكافئ الوصفى، مصنف، تحليل المكونات، الحذف، مقاطع ثنائية، ملاحظة، بالإضافة إلى المسارد، والتخفيض، والمرادفات. ويقوم المترجم في الترجمة الحرفية بالترجمة وحدة بوحدة.، حيث قد تتراوح وحدة الترجمة من كلمة إلى وحدات أكبر مثل العبارة أو الجملة.

وقد يقوم فقط بنقل كلمة اللغة المصدر مباشرة، ولكن مع كتابتها بحروف اللغة الهدف، حيث تكون النتيجة كلمة مقترضة.  كما إنه قد  يعدلها وفقا لنطق اللغة الهدف، وهو ما يسمى بالتطبيع (naturalization).

وبالإضافة إلى ذلك، فقد يجد المترجم كلمة مكافئة ثقافيا لكلمة اللغة المصدر، وإذا لم يجد واحدة، فقد يطبّع أو يعمم كلمة اللغة المصدر لتكوين مكافئات وظيفية. وعندما يعدل كلمة اللغة المصدر بوصف الشكل في اللغة الهدف، فإن النتيجة ستكون مكافئ وصفى. وفي بعض الأحيان يوفر المترجم مصطلح عام أو ثانوى لكلمة اللغة المصدر، وتسمى النتيجة في اللغة الهدف مصنف (classifier). وعندما يقوم قط بتزويد أقرب مكافئ لكلمة اللغة المصدر في اللغة الهدف، فهو  يستخدم الترادف (synonymy).

وعندما يستخدم المترجم إجراء تحليل المكونات، فهو يقوم بتقسيم الوحدة المعجمية إلى مكونات معانيها، و فى كثير من الأحيان تكون ترجمة كلمة بكلمتين أو أكثر. وعلاوة على ذلك، قد يضيف المترجم أحيانا بعض المعلومات، سواء كان وضعها بين قوسين أو في فقرة أخرى أو حتى حاشية، أو ربما قد يقوم حتى بحذف كلمات اللغة المصدر غير المهمة فى الترجمة لضمان سلاسة النتيجة للقارئ.

ولا يمكننا القول أن أحد الإجراءات أفضل من غيره، لأن ذلك يعتمد على الموقف. وبالنظر إلى الوظائف الجمالية والتعبيرية التي تحملها القصيدة، ينبغي على المترجم محاولة ايجاد المكافئ الثقافى أو أقرب مكافئ (مرادف) أولا قبل محاولة الإجراءات الأخرى.

ويعتبر السياق العام مهم أيضا. وهو يشمل نظام الظروف التي كتب فيها المؤلف، ولمن تكون القصيدة موجهة أو مخصصة، ويجعل الوضع النفسي للمؤلف واضحا للمترجم. فإذا احتوت القصيدة على السخرية الخفية نحو شخص ما، فيجب تحتوى الترجمة عليها أيضا. ولكن هذا بالطبع يعتمد على محتوى قيمتها.

خاتمة المقال

 

وبتلخيص كل هذه المشاكل التي لا تشكل سوى جزء صغير من العقبات التي يجب على المترجمين التغلب عليها، ندرك مدى صعوبة عملية الترجمة وكم ينبغى أن يكون مترجم الشعر موهوبا، مبدعا ومتعلما.

ويبغي ان يكون لديه نفس الإلهام كالمؤلف عند الكتابة. وكما يبين أفلاطون فإن الشاعر هو النور، وشيء متذمر مقدس ، وليس لديه ابداع حتى يُلهم ويخرج عن رشده، ولم يعد فيه منطق. ويجب أن يساوى مترجم القصيدة المؤلف والفنان وأن تلهمه القصيدة. هناك الكثير من الترجمات الشعرية ليست ناجحة. والسبب هو أن “لا أحد آخر يستطيع أن يحيى مكانك، ولا يمكن أن تحيى لشخص آخر. تلك هي مسؤولية الفنان وهي أبشع مسؤولية على وجه الأرض. فإذا أمكنك تحملها  فخذها وامض على الطريق. وإن لم تستطع، فابتهج واتجه لعمل آخر.

 

error: Content is protected !!
Scroll to Top