الترجمة النسوية

الترجمة النسوية

تعدّ ترجمة النصوص النسوية مساحة وحقلا معرفيا حديثا التقت فيه الدراسات والأبحاث النسوية بدراسات ونظريات الترجمة حيث قامت بعض الباحثات النسويات بتطوير بعض النقاط المشتركة بين المجالين والتنظير لها وخلق وإضافة مفاهيم وأبحاث جديدة تخدم وتثرى كل من ميدان الترجمة والنظرية النسوية، وأبرز ما حققته هذه الدراسات هو الإتيان بمفهوم » الترجمة النسوية« الذي يعدّ ثمرة الإكتشاف ونتيجة العلاقة التي تربط ويشترك فيها المجالان لهذا سنحاول فيمايلي التطرق إلى بعض هذه التنظيرات التي أتت بها الباحثات النسويات إنطلاقا من دراسات ونظريات الترجمة ومحاولة مناقشتها وتحديد مدى صحة تطبيقها على النصوص المترجمة التي يجدر أن تخضع بدورها لبعض الشروط وتحترم جملة المعايير التي تقوم عليها عملية الترجمة، إضافة إلى مناقشة بعض الإشكاليات التي تفرضها ترجمة هذه النصوص وبالتحديد إلى اللغة العربية كمسألة ترجمة المصطلحات التي غالبا ما تطرح عند نقل وتبنى بعض الإتجاهات والنظريات الغربية.

 مفهوم الترجمة النسوية

إنّ الترجمة وكما سبق أن ذكرنا آنفا مرتبطة بجميع العلوم والمعارف من حولها وباعتبار النصوص النسوية كغيرها من النصوص من المجالات الأخرى تخضع للترجمة فقد وجدت بعض الباحثات النسويات ابتداء من الثمانينات من القرن العشرين علاقة بين الدراسات النسوية وأبحاث الترجمة ليظهر هذا الإتجاه الفكري أي (الترجمة النسوية) لأول مرة على يد لوري تشامبرلين في مقالتها عن الجندر والمجاز فى الترجمة عام 1988 لتفتح المجال للمزيد من الدراسات والأبحاث في السنوات الموالية لمفكرات أمثال : شيري سايمون، لويز فون فلوتو، باربارا جورارد وغيرهن وأبرز القضايا التى يهتم بها هذا الإتجاه الفكرى وأهم الأفكار التى جاء بها:

إنّ الترجمة تحمل فى طياتها وتظهر من خلال عملياتها اتسامها بسمات جندرية وهذا يظهر فى العديد من الترجمات التي ان قورنت بالنصوص الأًصلية وكما تشبهها لورين تشامبرلين بالعلاقة التي تجمع الرجل والمرأة حيث اعتمدت على بعض الأساليب الترجمية كالأمانة والخيانة و استغلال الترجمة أحيانا لتكون سبيلا للغزو الثقافى والفكرى فى التنظير لرأيها ودعم موقفها هذا، فبعض التعديلات والتجاوزات التي تبيحها بعض النظريات الترجمية تعدّ غير منصفة بحق النص الأًصلي وهي تشبه بكثير الهيمنة والسيطرة التي يمارسها الرجل على المرأة، فالترجمة هنا تشكل مركز القوة وهى التي تسيطر على نوع العلاقة التى ستربط النص الأصلي بالنص المترجم، والأمر ذاته عندما تكون الترجمة لا تخدم الثقافة واللغة المنقول إليها وتكون وسيلة من وسائل الغزو الثقافي والتشويش الفكرى على الأمة المستقبلة حيث تغدو الترجمة فعل قوة وسيطرة يمارس على الطرف المقابل ما يشبه بكثير صفة العلاقة التي تجمع بين المرأة والرجل، وبصفة عامة فإنّ جميع التعديلات والتغييرات التي تحدثها الترجمة على النص الأصلى تجعل النص المترجم يختلف عنه اختلاف الرجل عن المرأة.

ترجمة المفاهيم النسوية

ومن التحديات الأخرى التي تقف أمام الباحث النسوى العربي هو جدل ترجمة بعض المصطلحات والمفاهيم النسوية ما يعيدنا مرة أخرى إلى التساؤل المطروح حول علاقة الترجمة بالنسوية والإضافات والمزايا التى قدّمتها للنسوية العربية؟

تستعمل الباحثات النسويات غالبا ترجمات مختلفة لبعض المصطلحات النسوية كمصطلح(Gender )على سبيل المثال الذي يترجم ب:نوع، نوع إجتماعي، جندر، الجنس، الجنوسة أو الإستجناس وهذه الإستعمالات والترجمات المختلفة لمصطلح واحد قد تذهب بالأذهان إلى التفكير والتساؤل عن قدرة الترجمة واللغة والثقافة العربية على إحتواء وتبنى الفكر النسوى؟

إنّ مجرد التفكير بأنّ ظهور النظرية النسوية كان في الغرب يجعل التفكير في مسألة المصطلحات أمرا في غاية البساطة والمنطقية فالإختلاف واقع لكن مسألة الإجماع على ترجمة بعض المصطلحات من الأمور المتوقعة والمنتظرة من قبل الباحثات النسويات، وتفسّر الدكتورة هدى الصدّة هذه الظاهرة بمفهوم سفر النظريات لإدوارد سعيد وما ينتج عنه من تغييرات وإختلافات عند إحتكاكه ببيئة ولغة وثقافة جديدة وترى بأنّ لكل إستعمال (ترجمة معينة)أسبابها التي تعكس إهتمامات ممارسها وأنّ الترجمات المختلفة لمصطلح (Gender)هي في الحقيقة إنعكاس لتاريخ تطور مفهوم المصطلح والنظرية:”فنجد أنّ نوع تحاكي ظهور مفهوم (Gender)في بداياته ففي الستينات كان مفهوما في النحو ولم يكن له أي دلالات نسوية كما هو الحال الآن، وقد استعملته النسويات في السبعينات من القرن العشرين لخلق معان جديدة، للتأكيد على فكرة أنّ التمييز بين المرأة والرجل لا علاقة له بالطبيعة أي أنّه ليس مسألة بيولوجية وإنما مسألة إجتماعية ثقافية، وبالتدريج اكتسب مفهوم (Gender)معانى ومفاهيم مستحدثة إلى أن استقر فى اللغة ودخل القاموس الإنجليزى ….ومصطلح النوع الإجتماعي يعبٍّ عن محاولة لتأكيد فكرة أن الإختلافات بين الجنسين متعلقة بالتنشئة الإجتماعية” فلكل ترجمة مفهومها وصحتها في تاريخ تطور النظرية النسوية، والجهود والمساعي لا تزال قائمة فى سبيل تطوير الأبحاث والإنتاجات النسوية باللغة العربية ومثلما استطاعت اللغات الأخرى أن تتبنى هذا الحقل المعرفى والتيار الفكرى بفضل الترجمة تستطيع النسوية العربية هى الأخرى أن تبدع وتضيف وتفكر بما يتوافق ومجتمعاتها وثقافتها فالمسألة مسألأة حداثة وليست مسألة قدرة حيث يمكننا أن نعزو هذه الإختلافات والمحاولات إلى تأخر النسوية العربية فى اللحاق بركب هذا التيار الفكرى العالمي.

استراتيجيات المترجم النسوي

إنّ بعض الإستراتيجيات التي يلجأ إليها المترجم النسوى كترجمة المعنى الكامن وراء الألفاظ والإبتعاد عن الترجمة الحرفية والإضافة أحيانا لضمان وصول المعنى عبر الهوامش أو كتابة مقدمات وتلك التغييرات البسيطة التى تحدث على مستوى النص لإعلاء وإظهار الصوت النسوي كمسألة تأنيث اللغة كلها سبل مشروعة تؤدي إلى إنتاج ترجمة صحيحة ومقبولة.

تقوم الترجمة النسوية بالأساس على بعض الإستراتيجيات التي تخوّلها بعض نظريات الترجمة التي تعنى بالنص المترجم لهذا فهى تختلف عن أساليب الأخرى فقط من حيث نوع النصوص التي تتعامل معها والهدف الذي يسعى المترجم لتحقيقه الذي يخدم بالأساس المنهج والفكر النسوى. إعتبار الباحثات النسويات الترجمة إعادة كتابة وتأليف للنص بتأكيدهن أحيانا على ضرورة الإختلاف بين النص الأصلي والنص المترجم وضرورة دعم النص المترجم للفكر النسوي قد يكون مخالفا أحيانا لأغراض وأهداف العمل الترجمى.

عدم الإجماع والإتفاق على إستعمال واحد وموحّد لبعض المصطلحات النسوية عند نقلها إلى اللغة العربية يتطلب المزيد من الجهود من قبل الناشطات النسويات والمترجمين والهيئات المختصة في التعريب في الوطن العربى.

خاتمة المقال

وذلك التأثير المتضخم ليس مدهشا أيضا، فالناس يهتمون كثيرا جدا بالمساواة الجنسانية وبحقوق النساء، ففى كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، تتمتع المساواة بين الجنسين بدعم أربعة من كل خمسة أفراد تقريبا، وهذا يسبب مشكلة. فباستثناء النسويات الأخريات، يتجاهل العالم بأكمله تقريبا النظرية النسوية، وقد فعلوا ذلك لعشرات السنين، الأمر الذي سمح لها بالابتعاد إلى حيث جحور الأرانب المرجعية الخاصة بها. إن كون هذا العلم قد تم تجاهله أثناء تطوير ما يشبه المحتِد الأكاديمي الشاهق هو السبب في أن النظرية النسوية تستمر وتمارس الكثير جدا من السيطرة على الأكاديميا والمجتمع، مما يعني أنها مشكلة ضخمة نوعا ما.

 

error: Content is protected !!
Scroll to Top