أدى تحرير السوق إلى انفجار المعاملات المالية وزيادة النشاط التجارى، وعلى الرغم من أنه لم يتم بحثها على مر السنين، فقد كانت ترجمة الاقتصاد فى هذا المناخ مركزية فى ممارسة الترجمة وازدادت فى الحجم وكذلك التأثير، وبالتالى فإن الهدف من هذا الفصل سيتكون من شقين، فيسلط الضوء على أهمية الترجمة الاقتصادية من جهة ، وعلى دورها فى ازدهار الاقتصاد المصرى من خلال الصناعة والتجارة والاستثمارات والمشروعات من جهة أخرى.
الترجمة والتنمية فى مصر
الترجمة من الناحية الاقتصادية هى التنمية في أبهى تجليها، فهي الحاضن لها فى الإنتاج وفى التبادل الاقتصادى ، وقدرة الدولة على الترجمة تعكس قدرتها على التفوق الاقتصادى ، فاليابان مثلا تترجم في العام الواحد أضعاف ما تترجمه الدول العربية جمعاء. وشتان بين من ينفق فى الترجمة وبين من ينفق فى “الطرزمة”، فأغلب الدول العربية ليست لها مؤسسات حاضنة لهذا الفعل القومى الترجمى إذا استثنينا بعض الاجتهادات كمعهد تنسيق التعريب بالرباط والبادرة الكويتية ، بل إن الترجمة القليلة فيها هي محصلة اجتهادات فردية من قبل مثقفين آلوا على أنفسهم تحمل عبئها الثقيل ماديا ومعنويا، وبالرغم من ذلك لا تجد هذه الترجمات القليلة بغثها وسمينها مجالا رحبا للقراءة والإقراء، فتزين رفوف المكتبات الجامعية أو تصبح في غالب الأحيان أثاثا منزليا بهيا ، على الرغم من أن ممارسة الترجمة الاقتصادية لا تزال محورية للاقتصاد المصرى ويزداد حجمها مع انفجار المعاملات المالية وزيادة نشاط الأعمال التجارية ، بما في ذلك ترجمة المعاملات التجارية والمالية ، وفى هذه القرية العالمية، أصبح مفهوم “الاقتصاد” فى الترجمة أكثر أهمية في الآونة الأخيرة، وذلك بسبب تزايد الاختصاص التقنى المستمر للمهنة وتغيير عادات الترجمة، مما يؤثر بشكل لا مفر منه على مهنة الترجمة، وهكذا لعبت الترجمة دورا هاما فى حفز الاقتصاد المصرى بشكل عام.
الترجمة والصناعة المصرية
لقد حفزت الترجمة كثيرا من دور الشركات الصناعية وكذا المصانع فى زيادة الموارد المالية المصرية حتى لقد أصبحت بمثابة الشريان الذى يغذى الأمة ويزيد من استثمارات الشعوب وذلك من خلال نقل الخبرات الرهيبة لأصحاب اللغات الأخرى فى مجال زيادة الإنتاجية والتصنيع وفنيات البيع والتعامل مع الزبائن سريعى الغضب ، وهذا الأخير عنوان لكتاب قمت أنا بترجمته لأحد الكتاب الأجانب ، وهكذا اعتمدت معظم مؤسسات الصناعة المصرية على البيانات مما تطلب ترجمات دقيقة للرسوم الميكانيكية أورسوم الأدوات وخطط التصنيع مما حفز الاقتصاد المصرى وزاد من إنتاجية الشركات ، وذلك من خلال مترجمين يفهمون السوق ، ويعرفون كيف يتعاملون مع الوثائق الصناعية ، ويأتى كل هذا التفصيل مع أنواع شتى من المستندات التى تخضع للترجمة فيما يخص أنظمة التشغيل الآلى ، والمواد الكيميائية ، إلى جانب ترجمة المناجم والمعادن وعقود الشراء للمواد الصناعية وملصقات المواد المصنعة والأسعار والكتالوجات وتعليمات السلامة.
الترجمة والاقتصاد المصرى
لعبت الترجمة الاقتصادية دورا هاما فى مجالات متعددة من البحوث والممارسات المهنية التي تعتمد أساسا على دراسات الترجمة ، والاقتصاد، واللغويات، ودراسات الاتصالات فكانت أحد الحقول الفرعية للترجمة المتخصصة ، كالترجمة القانونية والتقنية والطبية ، على سبيل المثال لا الحصر، وثانيا، فيما يتعلق بقاعدتها المعرفية ونطاقها ، وترتبط الترجمة الاقتصادية بعلم الاقتصاد والمفاهيم المتداخلة الأساسية (الأعمال التجارية والاقتصاد والتبادل التجارى والتجارة) التي تدين باسمها لها ، وثالثا تعتمد الترجمة الاقتصادية على الاتصالات التجارية، وهو تخصص أكاديمى نما في أوائل التسعينيات من القرن الماضي للبحث في الاتصالات الرسمية وغير الرسمية داخل منظمات الأعمال ومع العالم الخارجي، ولا أدل على ذلك من عشرات الكليات الجديدة التى أنشئت فى منطقة شرق النيل عندنا فى بنى سويف يجاورها بصورة أساسية كلية الألسن التى تضم أقساما شتى للغات الأرض ، فكانت أبحاث الترجمة مشاركة فى حفز الاقتصاد المصرى ، كما تعددت مكاتب وشركات الترجمة لتضخ الدخل الأجنبى والعربى على حد السواء إلى حافظة الاقتصاد المصرى على مستوى الفرد كما هو على مستوى الاقتصاد العام.
الترجمة والتجارة المصرية
ومهما يكن من أمر فقد أنعشت الترجمة التجارية التجارة المصرية ، ويغطي الخطاب التجاري مجموعة واسعة من الأنواع، من الأنواع التي تخضع لتحكم وتنظيم عالي، مثل التقارير السنوية ونشرات المستثمر والبيانات المالية والنظام الأساسي ، إلى أنواع إجرائية ثابتة نسبيا ، مثل رسائل التطبيق، وتوقعات الأرباح، وتقارير المسؤولية الاجتماعية للشركات ، وتقييم الأداء، وبيانات البعثات والنشرات الصحفية، وأخيرا الأنواع الديناميكية الأقل قابلية للتنبؤ والإبداع، مثل خطابات المديرين التنفيذيين والإعلانات وصفحات الانترنت الرئيسية للشركات ، وفى كثير من الأحيان تكون كل هذه أنواع هجينة متعددة الوسائط ومتعددة الوظائف، ويكون غرضها التواصلى ليس إعلاميا فقط ، ولكن عملياتى أيضا وبمحتوى مقنع لتكوين صورة إيجابية للشركة، وللتأثير على سلوك المستهلكين ولتنشيط وتحفيز المبيعات فى البيئة المصرية.
لقد أدى ارتفاع الحاجة إلى الترجمة ، إلى جانب الحاجة إلى إبقاء التكاليف منخفضة والإنتاجية عالية، إلى إنشاء شركات ترجمة كبيرة لإدارة كميات ضخمة من المعلومات، وإلى فتح أنشطة جديدة مرتبطة بالترجمة، مثل ترجمة البرامج وألعاب الفيديو والنشر متعدد اللغات ، وعلاوة على ذلك، أدى الارتفاع إلى تقنين صارم لمهنة الترجمة ، لا سيما مع التطور السريع لتكنولوجيات الترجمة بعامة والتجارية على وجه الخصوص ، ومن خلال ترجمة الوثائق والعقود نمت التجارة المصرية وازدهرت كثيرا بضخ الأموال الأجنبية وإنشاء الشركات الأجنبية وتشغيل عمليات الاستثمار العربى والأجنبى فى مصر.
الترجمة والتنمية الاقتصادية.
إن قوة الترجمة في بلاد معينة لا ترجع إلى قوة لغتها، بل إلى رغبة أهلها وقوتهم ، وليس صحيحا في هذا الشأن الزعم القائل إن اللغة العربية عاجزة عن ترجمة العلوم والتقنيات، بل العجز في أهلها الذين ضاقت بهم السبل من الناحية العلمية ، حتى أصبحت الفجوة العلمية اليوم تزداد يوما بعد يوم فى غياب سياسات رشيدة ورغبة أكيدة ناجزة من قبل أهل الحل والعقد فى البلاد العربية.
ولقد أضحت الترجمة ، أيضا ، في عصر تعدد الوسائط أساس التغيير في كل شيء : تغيير التصورات ، وتغيير المبادئ، وتغيير النظر إلى العالم، حيث أمسينا بفعل الثورة المعلوماتية أمام سيل عارم يوميا من المعلومات التي تزكيها الترجمة الآلية، مما غير من أساليب التواصل الحديث، ولم تعد الترجمة بيد نخبة معينة ، بل غدت ملكا شبه مشاع لمرتادى العالم الافتراضي ، ويمكن تلخيص دور الترجمة فى تعظيم الإنتاجية والارتقاء بالجودة مع خفض التكاليف ، وكذا إنجاز وتسليم أسرع ، وبذا تعمل على التنمية المستدامة فى مصر.
الترجمة والاستثمار في مصر .
تضع الشركات والمؤسسات العديد من الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها ، وحيث إن الأهداف تختلف باختلاف الشركات، فأغلبها تتفق على صياغة إستراتيجيات عمليّة من أجل إيجاد مصادر الدخل، وتعزيز النمو، ووضع خطط بغرض التوسع، وقبل كل شيء، توليد الأرباح ، ولا ريب أن الاستثمار المصرى نما بشكل واضح من خلال الصفقات كذا العمليات الصناعية والتجارية التى أزهرتها عملية الترجمة وختمت عليها بأختام من ذهب ، فكان توليد الأرباح فى مصر من أبرز العوامل لإدارة عمل ناجح بالعودة إلى ذاكرة الترجمة، فساهمت هذه الأداة في توليد الأرباح للشركات فى جميع أرجاء مصر مما أدى بدوره إلى تسريع وتيرة إنجازالأعمال.
الترجمة كحساب الادخار
من أسهل أساليب استيعاب هذه الفكرة مقارنة ذاكرة الترجمة مع حساب الادخار: فإنشاء حساب الادخار وتغذيته بنجاح يعني أنك يجب أن تبدأ مبكرًا بالعملية وتودع مبالغ فى حسابك بانتظام. وكلّما زادت قيمة إيداعاتك ، سينمو حسابك أكثر وأكثر. وبافتراض أن راتبك يستمر فى الزيادة المركبة بمرور الوقت ، فهذا يعني أن المبالغ التي ستودعها في حسابك للادخار ستزيد هي الأخرى ، فإذا كانت ذاكرة الترجمة عبارة عن حساب ادخار، إذا فستكون ترجمة وتحرير أحد المقاطع مكافئة لقيود إيداع الأموال في حسابك ، وكلّما زاد حجم الترجمة التى أضافها المستخدم في مرحلة مبكرة، نمت قاعدة البيانات بشكل أسرع. وهذا يعني أن المترجم سيتمكن من الاستفادة من الترجمات الموجودة بالفعل، وهذا بدوره سيوفّر له قدرًا هائلاً من الوقت والمال ، و تكمن روعة ذاكرة الترجمة فى أنه لا توجد قيود من أى نوع. فيمكنك إدخال الكمّ الذي ترغب فيه والسحب منه في أى وقت تحتاج إليه ، فإذا طبقنا ذلك على ادخار الدولة نفسها اتضح لنا كم تصب الترجمة فى وعاء الادخار المصرى.
الترجمة وحفز المشروعات
تكمن روعة إدماج تقنية السحابة مع استخدام هذه الأداة للترجمة التي تستعين بالحاسوب فى أنه يمكنك الوصول إليها من أى مكان وفى أى وقت ، فتقديم خدمة الترجمة لا يتطلب منك العمل من مكان واحد بعينه، فسيتمكن جميع موظفيك والمتعاقدين المستقلّين من الوصول إلى قاعدة بيانات ذاكرة الترجمة من أى مكان ، فبإمكانهم استخدامها من أجل ترجمة وثيقة بالغة الأهمية أو حتى ترجمة رسالة بريد إلكتروني ، ولا شك أن عمليات الترجمة أصبح يعبر عنها بالمشروعات وهى الكلمة التى نسمعها كثيرا عند تعاقدنا مع مكاتب وشركات الترجمة فى مصر.
وهكذا تنمو المشروعات فى مصر نموا واضحا مع عمليات الترجمة ، وإذا أردت أن ترتقى بممارسات أعمالك لتستوفى المعايير العالمية، نوصى بأن يكون تبنّى ذاكرة الترجمة على رأس قائمة أولوياتك ، فمن شأنها تحسين جميع عمليات الترجمة وجعلها أكثر كفاءة ، كما أنها ستساعدك على تقديم خدمات التوطين وعلى تعزيز جودة المحتوى الذي تقدمه في نهاية المطاف. بهذه الإطلالة المتواضعة على حياء نصل إلى نهاية مقالتنا آملين أن يلمس القارىء منها فكرة موجزة عما يمكن أن تلعبه الترجمة من أدوار وأدوار فى إنعاش الاقتصاد المصرى.